2009/09/29
الريح تزأر و ليل بارد قارس
نراها تأتي من بعيد تجر نفسها جراً إلينا ، فتاة بائسة في مقتبل العمر
تدخل ذاك المطعم الصغير .. لعلها تحصل على بعض الدفىء
تدفع الباب بضعف و وهن شديد ، فيحاصرها الناس بنظرات فضولية
نظرات مؤلمة !
تجلس على تلك المائدة البعيدة ، تجلس في الظل كما لو كانت تتمنى أن تبتلعها تلك الظلال .
ترتجف ، ترتعش لا إرادياً من شدة البرد و تدلك اطرافها المتجمدة لعلها تستطيع تحريكهم
و كيف لا و هي لا ترتدي سوى ثياب صيفية مهترئة لا تصد عنها الريح و البرد
و لا تمدها بأي دفئ !
تنظر الى المائدة أمامها فتشتاق الى شراب ساخن يدفئ روحها ، بيد مهتزة خوفاً و برداً تمسك ذلك الكتيب الذي يحتوي قائمة الطعام و الشراب و ...
الاسعار .
ترجعه مكانه بسرعة فحتى المياه لن تقدر على دفع ثمنها التي يتجاوز سعرها الجنيهات القليلة جداً معها
تسمع من بعيد ضحكة طفل يجلس بين والديه فنتظر إليهم
كيف هم سعداء ؟
و في دفئ و آمان ؟!
ضحكة أخرى و يقول الطفل بسعادة كبيرة : ( امي ، ابي .. انظرا الثلج يتساقط ! )
فينظر الجميع بسعادة
يرتسم هي على وجهها الهلع و الفزع
ثلج ؟ ، كيف ستخرج فيه إنها لا تقوى على الحركة و هي في الداخل
فماذا ستفعل عندما تخرج ؟؟
تأتي نادلة المطعم و تقول بنفاذ صبر : ( ها .. ماذا ؟ ، أ سوف تقومين بطلب شيء ام ستكتفي بالنظر ؟؟ )
ينادي عليها احدهم فتقول لها : ( سأذهب لأرى ماذا يريد و اعود اليكِ .. )
تبتعد النادلة و تتنفس هي الصعداء ،، تنظر الى باب المطعم
تحبس دموعها بأقصى ما لديها من قوة
فتنهض و بخطا مترددة تقترب منه ، تفتح الباب برفق
فيقابلها هواء يقطع جسدها و أوصالها كالسكاكين الحادة
تأخذ اول خطوة و هي تنحني مع وطأة الرياح ، يغلق الباب خلفها
و تعلم انه فات الآوان على الرجوع الى الداخل
تمشي ، خطوة تلو خطوة و الجليد يؤلمها و هو ينهال على رأسها ، و الرياح تدفعها فتسقط ما بين الحين و الآخر
حتى تسقط و لا تقوى على الوقوف و تنفجر في البكاء ،، بكاء يمزق نياط القلب .
و تقول : ( آه ..... لا استطيع الاحتمال اكثر من هذا ، يا إلهي ساعدني،، لم اعد اقوى على النهوض ، اريد فقط ان انام ..)
تغمض عينيها و هي ملقاة على الارض الباردة و تشعر بوخز و ظلام يلتف حولها
تغمضها ، و تفتحها لتلقي نظرة أخيرة على العالم
تغمضها مرة اخرى و الى الابد !
فجأة تفتح عينها بسرعة و تعتدل ، تلتقط شيء ما من الارض
و تبكي بسعادة هذه المرة
و تقول : ( ياللهول ..... اشكرك يا إلهي ، الف حمد و شكرإليك )
تبكي و تبكي
و هي تحتضن تلك الورقة
..
ورقة نقود من فئة المئة جنيه !
و تذهب مسرعة الى ذلك المطعم لتطلب شرابها الساخن ، مع ان روحها قد شعرت بالدفئ منذ الآن !!
تمت بحمد الله
2 التعليقات:
شكلك بتحبي الشتا والتلج :)
بس رايي انك لو انهيتي القصه على
" تغمض عينيها و هي ملقاة على الارض الباردة و تشعر بوخز و ظلام يلتف حولها
تغمضها ، و تفتحها لتلقي نظرة أخيرة على العالم
تغمضها مرة اخرى
"
وتقولي ولكن إلى الابد
وتنهي القصه بكده
هتكون مؤثرة اكتر
ولا ايه رايك ؟!!
كنت ناوية تكون دي النهاية فعلا
بس البطله صعبت عليا :)
بخصوص الشتا و التلج القصتين في مجموعه واحدة .
شكرا على متابعتك
إرسال تعليق