2009/09/29
كان يوم بارداً ..، و الظلام حالك .. ، قد كنا في منتصف شهر ديسمبر .. و في تلك المدينة فالبرد يكون قارساً حقاً .. ، أنظر الى يداي لأرى تلك الزرقة قد تخللت اظافري .. بالرغم من تلك الملابس الثقيلة التي أرتديها... و من ثم ..
هتفت في داخي ( يا إلهي الرحيم ) !!!! .. هتفت دهشة عندما رأيته ..
و تساءلت .. أ هناك كائن بمثل تلك الوسامة .. ؟؟ ، تلك النظرة القوية في عيناه قد جعلته مثل الفرسان الذي لا يهابون محاربة الموت ..
و على الرغم من ذلك البرد فهاهو يرتدي ملابس خفيفة و كأنه لا يشعر بالسيوف التي تقطع الأوصال ! ..، يقف شامخاً .. نظرة عنيدة في عيناه .. تجعلك تحترمه على الرغمن منك ..
و قفت أراقبه و أنا لا أعي من حولي .. ، حتى أنني فوت الحافلة التي كنت في انتظارها .
انظر اليه و هو يعمل .. فينقل تلك الصناديق الثقيلة .. و قد ابتل شعره الفاحم بالعرق الغزير ..
فجأة ..
تنبهت ! .. ، انني آراقبه ما يقرب من الساعة دون أن أشيح بنظري و لو للحظة .. و تساءلت .. ماذا يحدث حقاً ؟؟
و بطريقة غريبة أجد نفسي أبتسم له ..، فلقد رآني .. و ابتسم لي ابتسامه رائعة .. حانية ، ثم استدار حتى يأخذ أجره .. و عندما نظر لي مجدداً وجدني مازلت أحدق به ..
فرُسمت في عيناه لمحة استغراب .
و لا أعرف .. حقاً لا أعرف !
كيف أخذتني جرأتي ، و تقدمت منه ... قائلة بصوت متقطع في أشد الإحراج ..
: ( أ .. أتقبل .. أن .. ابتــ.. أقصد .. أن ... أدعوك .. لكوب من الشراب الساخن ؟؟ )
ابتسم و قال .. :
( لا .... بل أنا من ادعوكِ يا سيدتي )
و في لمح البصر .. وجدت نفسي معه .. أجلس على تلك الطاولة .. في ذلك المطعم الصغير ..
و قد وُضع عليها كوبان يتصاعد منهما البخار الساخن!
صمت لمدة ..
و قد بدأت قائلة ..:
( ان لم تمانع في أن اسألك .. لماذا تعمل هذا العمل الشاق عليك ؟)
فجاوبني بعد ان انتهى من كوبه .. و برضا كامل ..
( شاق .. نعم .. لكن لابد منه .. فمنذ أن توفي ابي و تبعه أخي الأكبر ، لم يعد هناك من يعتني بأمي التي لازمت الفراش من وطأة الحزن و المرض .. و لا بأختي الصغيرة .. الذي تحتاج إلى الكثير .. ، لذا أصبحت اعمل .. اي عمل .. طالما آخذ حقي . و بمال حلال .. فلا يهم التعب عند إذ .. )
قلت و قلبي ينبض .. معجبة بتلك الشخصية .. ، و بصوت فيه رنة قلق ...
( نعم .. و لكن ماذا عن دراستك ؟؟ ، هل تركتها لتعمل مثلاً ؟؟ )
فضحك بصوت منخفض ..
( لا بل و الحمد لله .. اوفق بين عملي و دراستي .. !)
تنفست الصعداء و أحسست ان قلبي كان يقفز و من ثم هدأ .
و جدته قد إلتفت الى ساعة الحائط و قال بلهجة جدية ..
( آنستي .. ، اعذريني .. يجب أن ارحل و أن ترحلي أنتِ الأخرى .. الوقت تأخر)
فرددت عليه بإبتسامة حانية ..
( حسناً يا صغيري .. عدني أن تهتم بنفسك)
ابتسم واحدة من ابتسامته الخلابة ..
و قال ..
(اعدك ... و شكراً على الدعوة)
و ذهب ذلك الطفل الصغير الذي لا يتجاوز عمره الحادية عشر !
6 التعليقات:
..
اجمل ما في القراءة انها تجعل من يقرأ هو مخرج القصه
فيرسم بنفسه عالما اخر في زمان ومكان احداث القصه ويعطيها تلك المؤثرات التي تجعلها تمس الوجدان
فها انا من خلال قصتك الرائعه اتخيل تلك الفتاة واقفة تحت تلك المظلة والثلج يتساقط وقد اصبحت الارض بيضاء بعدما غابت الشمس وراء السحب
وهي مرتدية الكوفية حول عنقها تمسك مظلتها بيديها المزرقتين المختبأتين تحت ذالك القفاز الوردي
وتلك الرياح البارده تحرك شعرها
....
على الجانب الاخر من الطريق
يعمل ذاك الشاب بتلك القوة مستمدا دفئه من تلك المسؤلية و الارداة القوية بداخله
وها هما يجلسان في ذاك الكوخ الخشبي ذو الاضاءة الصفراء بعد الغروب وقد ادفئا المكان بتلك المشاعر الساميه
واخيرا وبعد لحظة الوداع تقف تلك الفتاة وقلبها ينبض تنظر إلى الطفل الصغير مبتعدا بعدما حال بينهما الظلام
فتأخذ ذلك النفس العميق وقلبها ملئ بذاك الاحساس الغريب الذي يوقد بداخلها مستمدية منه حرارة تكفي لتذيب ثلوج العالم
فتسير في طريق العودة مبتعدة عن ذاك الكوخ الصغير
والثلج يتساقط وقد انطفأت انوار الشوار الصفراء
وما زال الثثلج يتساقط.........
.........
شفتي قصتك مؤثرة قد ايه :)
وعلى فكرة احساسِك عااالي جدا في كتاباتك
إلى الامـــــــــــام
تحياتي
فعلاً .. يمكن عشان كده مش بحب بعد ما اكون قريت رواية اشوف فيلمها لأني بحس انه بيقيد خيالي بشكل كبير ..
و بجد مكنتش اعرف ان ممكن القصة الواحد يتخيلها بكذا شكل .. يعني الصورة اللي حضرتك كاتبها دي مش نفسها اللي انا اتخيلتها ..
^^
متشكرة جداً على المرور و التعليق و المتابعة و مشاركتك لتخليك القصة ..
:)
فعلا كلام حضرتك مظبوط
انا بعد ما قريت قصة رميو و جوليت معجبنيش الفلم خااالص
لاني تخيلتها بشكل تاني
وفي انتظار جديد كتاباتك
تحياتي
الحقيقة ان القصة في مجملها جميلة.. والقصد واضح جدا.. والتعابير ايضا والاوصف رائعان..
فقط لي تعليق على اشياء صغيرة..
ان المراة ايا كانت وقفت مدة ساعة تراقب الفتى.. اعتقد ان هنالك مبالغة قليلة.. لو كانت على الاقل نصف الساعة لكانت افضل..
(فالبرد يكون قارساً حقاً .. )
اظن ان الفاء المقترنة مع البرد لا مكان لها في الجملة فهي تخل بالنص..
(النظرة القوية في عيناه) (عينيه) لانها مجرورة..
(مثل الفرسان الذي) (الذين)..
غير هذا لا اجد شيئا الا ان اقول شكرا لك..
إرسال تعليق