2009/10/22

مملكة الخيال ...




في المساء المعتم ، على ضفة النبع المقدس

و على حافة الغابة السحرية المحرمة ، عند افتراق النجم عن القمر ..

و عند اكتمال القمر ... ،أوراق البنفسج تتراقص في الهواء

تقف ساحرة .. ساحرة الليل الفاتنة ..، على صهوة حصان ابيض كغطاء ابيض ناصع البياض

مرتدية ثوبها الأسود الفضفاض ،و عيونها الواسعة ذات الرمش الخلاب ..

تهدف إلى آفاق المستحيل ، و شعرها يختلط بأوراق الزهر الفيحاء

تبعثره رياح الظلام الهوجاء

على إطراف أصابعها ... تمشي على المياه ، فينتفض الندى من هول تلك الرقة المرهفة الإحساس

تصل إلى منتصف النبع المقدس .. هي تمشي على الماء !

يهدر الرعد ... و يفور النبع حولها .. لكن لا تلمس تلك القطرات بشرتها الملساء

ترتفع ببطء إلى الهواء .. و يتعلق جسدها في الفضاء ..

يزداد الرعد .. البرق .. و غضب هائل في السماء

بهدوء و بروية .. ، ترفع إصبعها لينطلق شعاع شفاف

يخترق حجب السحاب ...، و تتفجر منه أسراب الفراشات زاهية الألوان

فيهدئ النبع ، و يظهر وجه القمر ..

و تنخفض بخفوت لتصل إلى البحيرة .. لتملئ منها قطرات في قنينة ..

تعود إلى حصانها و تمطيه ، فيخفق بأجنحة كأنها النور المضيء

لترتفع إلى السماء .. إلى الصقيع !

تعبر البحور .. جبال .. قرى .. قصور

و تهبط إلى حديقة الوادي المسحور .. و يلمس الحصان الأرض .. فيعدو إلى مكان غير معلوم

يركض و يركض .. حتى يصل إلى الأمير الملعون

تقترب منه .. و تفتح القنينة فيها الترياق .. تنثره حول جسده

تعول السماء ..

و يحاصره إعصار .. ، وصراخ محموم ...

و ألم بلا حدود ..

و هي قلبها يخفق في خوف و في جنون أن تفقد الأمل المزعوم ..

يهدأ الصراخ

و يختفي الوسيم ..، يهدأ كل شيء ..، فلقد تحرر المسكين

دمعة هربت من العين ..انتفضت ، انهارت أرضا ..،

و هي تائهة ، و طريق العودة غير معلوم ..

تقف و تحاول الصمود ، تربت على الفرس ذو الجسد الممشوق و غرته الداكنة كجزء من ثوبها

تمطيه و تبدأ البحث

عن المملكة .. عن الوطن .. عن الخلاص











تتغير الأزمان .. و مازالت الساحرة .. بين عالمين

و أسيرة لفكرة لإنقاذ

تغيرت حُلتها ، و أصبح ثوبها بنفسجياً .. ، و عيناها ارتوت من مياه البحر الهائج .. و خصلات شعرها ارتوت من دم الشمس السائل

مازلت تعدو في طريق .. و الطريق يبدو بلا نهاية ..

عند الساحة الرخامية السوداء، تقف على أطراف أصابعها

في وسط تلك الساحة في وسط تلك النجمة السداسية .. ، تلك النجمة السحرية

التي تتوهج بضوء اخضر باهت كأنما ينبض !

صوت يهدر ..- لن تتحرر أميرتي .. أسيرة اللعنة المختومة –

تثور الرياح .. تثور روحها .. و ينتفض جسدها ..

تتفجر منه طاقة و قوة رهيبة

تنثني جدران الساحة .. و تشعر بلهيب قوتها .. لهيب طاقتها المفعمة بالإصرار

و الغضب .. كل الغضب !

يتحول لون عيناها الزرقاء إلى الأسود و يغطي السواد علة بياض مقلتيها !

أمواج الظلام تضربها و هي صامدة و الأغلال تشدها إلى أسفل .. إلى قبر محفور

و لكنها لا تهتز ..

فجأةً .. ، من أطراف تلك النجمة السداسية .. تخرج خيالات ضبابية رمادية ، تلتف حولها و تدور بجنون

و قلبها يخفق مذعور ؟ - ما هذا ؟؟؟ -

و تدور و تدور حولا و هي تلتفت . و من وراءها .. ينقض احدهم عليها

تهدر السماء .. و معها صرخة لم يسمعها بشر قبلاً .. روحها تُنتزع منها

تسقط ..

تسقط على إحدى ركبتيها و الدم يسيل من جانب فمها ..

و تدور الأشباح .. و ينقض واحد آخر ..

تتوالى الصرخات

ثم

تقع أرضا ..، و وجهها يلمس الأرضية الباردة .. ، عيناها لا ترى سوى .. سواد !!

تهمد و تسكن .. و تهدأ الأشباح .، فتكف عن الدوار المجنون

و تعود ببطء إلى أطراف النجمة السحرية ..

لكن .... يشق السكون صرخة زلزلت أعماق الأرض ..

صرخة اعتراض

و يرتفع جسدها إلى الهواء ..، إلى أعلى نقطة في الساحة

و تنفجر الجدران و يتبعثر شعرها بجنون .. ثم

تفتح عيناها .. بحزم .. بحدة .. بصرامة

عينان سوداويتان بلا حدقة !

صرخة أخرى و تندفع منها سيول من ضوء يبتر ما أمامه ، لتتمزق الأشباح ، و تبقى هي معلقة في السماء لبرهة

آه ألم خافتة و تسقط على الأرض فتصدم بها و تسيل دماؤها ........

تسير الدماء في شقوق النقش السحري على الأرضية ، يختفي التوهج الأخضر و يتحول إلى توهج احمر ناري

ينبض .. ينبض ..

ثم يخفت و يهدأ و ينطفئ

يهرع حصانها إليه .. يربت عليها بجناحيه فتتحرك ببطء لتستند على جناحه .. يرفعها إلى جذعه

و من ثم .. تسقط في إغماءة طويلة ...













الأُضحية ...

تقف في حلقة من النيران .. على حوافها يحرق الزهر و الريحان

يستعد القوم لذبحها .. و العيون دامعة ..

لكن يسمعون صهيل حصان يأتي من بعيد ..

فيتوقف الجميع و عيونهم معلقة في السماء ، يرون نقطة بيضاء تأتي من بعيد و تقترب

..

تُطلق زفرة ارتياح

يهبط الحصان ببطء .. ليهرع حكيم القرية إليه .. و يأخذ الفتاة بين ذراعيه

يكاد قلبها أن يتوقف .. يفتح الحكيم عيناها بإصبعه .. فيرى الهول

يرتسم الذعر على ملامحه ..

و ينظر إلى القوم و يهز رأسه آسفاً

نجحت في مهمتها .. حررت الأمير .. و كسرت اللعنة و أنقذت الأميرة المعهودة من أن تكون أضحية .. حتى تكسر لعنة المملكة

ضحت هي بالميثاق .. بأنها اخترقت القانون .. العهود .. و تخطت عتبة القوة المطلقة !

فانقلبت عليها بعد معركة حامية

و الآن ..، يحملون جسدها بروية .. الذي ينتفض انتفاضته الأخيرة

يضعونها على محفة خشبية ..، و حولها الزهور النضرة ..

تسعل مرة أخيرة و يسكن جسدها

تزل الدموع تلك المرة من أعين شعبها .. من أعين ساكني وطنها ..

يحملون المحفة على أكتافهم في موكب صامت متشح بالحزن الأليم

يضعوا المحفة على شاطئ النهر .. و دفعوها لتصل إلى المياه .. تسير في النهر ببطء و المشاعل تقف على الشاطئ في وداع !

شيء غريب .. هائل يحدث

ضوء باهر وسط السماء يهبط إليها لتتركز بقعة من الضوء عليها

و في هذا الشعاع يخرج من جسدها خيال اسود له نفس هيئتها .. يتفتت و يذويه الريح ........

أما هي فمن جسدها انبعث ضوء ابيض ماسي رائع

أضاء ظلمة الليل ..

و عادت ، عادت إلى هيئتها الأولى

شعر فاحم اسود طويل ، عينان عسليتان لهما رمش خلاب . ثوب ابيض أنيق

تقف على قدميها تنظر إلى أهلها .. و ابتسمت ,, فرفعت رأسها إلى السماء

و فجأة .. اختفت تاركة ورائها حبات متلألئة ...تسقط على المياه فتطفو بضي ابيض خفيف !

2 التعليقات:

المرشد يقول...

مل معبرة بحق..

الاسلوب جميل جدا ومشجع على القراءة..

حقيقة هذه قصص لا تصلح ان تقرأ على الانترنت..

ساطبعها حتى اشم رائحة الحبر واقرا هذه التحفة الرائعة..

يحي

Eve يقول...

انا فرحة جداااا

لأن معنى ان تتعب نفسك و تنشرها على ورق انها جيدة .. و هذه شهادة اعتز بها للغاية و سعيدة بها لأقصى درجة ..
شكراً لإهتمامك و متابعتك ..