2009/09/30


منذ زمن لم أكتب تلك الكتابة الفورية .. أن أخط ما يخطر في بالي على الفور ..
هل أعتبرها خواطر .. أم مجرد حروف اصطفت ..؟؟
..

سأتكلم اليوم عن شيء غريب قليلاً ..
عن أحاسيس جديدة .. لم يذكرها أحد
بالرغم أنها تؤثر في الكثير منا بشكل أو آخر .

تأثيرات أشياء اعتيادية غير اعتيادية !! .

المياه !!

عنصر الحياه ..
لون الزرقة ..
البحار و البحيرات ..
المطر ..
المياه .. لها تأثيرات غير تقليدية في النفس ..
لكن لا نلتفت لها حقاً ..
مثل ماذا ؟؟ !!

من دون أن تتعجب او تستغرب ..
هل إلتفت يوماً الى تأثير المياه عليك عندما تكون مهموم .. ان تغسل وجهك بالمياه البارده .. فتتخلل روحك لتنقيها ..
أن تشعر بالقطرات البارده على البشرة المشتعلة بالإنفعال ...
أن تغسل بها آثار الدموع المالحة ؟؟

..

تأثير المياه على القدمين .. !!
عندما تكون متعب و مرهق و تاتي لتغسل قدميك بعد مشي طويل .
الإحساس بالراحة و البرودة يغمرك ..
و الهدوء ..
الرطبة .. و الندى !!

...

هل جربت يوماً ذلك الشعور
أن تقف في الصباح الباكر و تشم رائحة النباتات الندية ..
كان لدي زهرة .. أضعها في الشرفة و في الصباح الباكر أجد قطرات الندى عليها
و في ذلك الحين فقط يكون لها رائحة محببة ..
...

و الآن ..
اسألك
هل انتبهت الى تأثير المياه عليك ؟؟




...

انتظروا التأثير القادم ..


2009/09/29

احم .. التدوينة دي من وقت طويل .. و نصحني ناس اني أنشرها في المدونة ..
فبصوا عليها من غير تريقة .. ( عبدو)

*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*



امأساتي مع الطبخ ( قصة واقعية قصيرة )

منذ إعدادي يجب أن يتم تعليم الفتاة أسلوب الطبخ الحديث جدا مثل كيف تتطبخ
العدس و الكشري و الحاجات الجديدة ديه !
و طبعا كان لازم أتعلم فقلت ابدأ بحاجة سهلة زى مكرونة بالصلصة
حاجة سهلة وبسيطة و لكنها كانت كارثة !
لأن و ببساطة و بكل ثقة أول حاجة عملتها أني غسلت المكرونة قبل ما تتسلق و ياريت كده و بس ده أنا سبتها ساعة و نصف على النار قال ايه عشان تستوي كويس
و كمان لما عملت الصلصة حطيت نصف كيس الملح غير اني ماخدتش بالي ان الصلصة حامضة من اساسه و طبعا لم تكن قابلة للأستخدام الآدمي كان مصيرها أن تتاكل من فبل الزبالة و ديه كانت أول كارثة من عدة كوارث في الطبخ !

الكارثة 2

طبعا لا يوجد أسهل من قلي الفليه ( الفراخ البانيه ) و لكن ماذا يحدث عندما تنسى الزيت على النار لمدة نصف ساعة ؟؟
أقولك لأنها حصلت معي ، حطيت الزيت يسخن و كله تمام و لكن فجأة لاقيت كارتون ( يوغي ) على التلفاز فذهبت حتى آراه و نسيت اللي ع النار !!!
بعد نصف ساعة دخلت المطبخ لأرى الحرب العالمية الثالثة قد قامت
أن الطاسة قد تفحمت و الزيت عبارة عن نار عالية
و انا بقى بذكائي الخارق لم أغطيها بغطاء مثلما المفروض بل
جبت مياه من الصنبور و طششششششش على الطاسة و الزيت!!
الكارثة إن النار طلعت ل السقف و أصبح لونه اسود و الحمد لله ربنا ستر و المطبخ ما احترق
و فضلت أنظف في المطبخ لمدة تتعدى الساعتين و، حاولت اني اخفي اثار الجريمة بس السقف كان شاهد قوي ! ديه كانت الكارثة 2 من كوارث الطبخ

لالالا انتظروا لم تنتهي الكوارث بعد !

الكارثة 3

و طبعا أنا كنت فرحانة بقيت اطبخ بقى و ماحدش قدي فقلت خلاص المرة ديه اعمل كيكة
بقى كفاية طبيخ خلينا في الحلو ... يمكن اعرف اعمله المرة دي
فعلا أخذت الكتاب الي مكتوب فيه الوصفة ودخلت مش عارفة اللي انا عكيته و عملته غلط في المكونات و لكن المهم أن العجين طلع شوية صغيرين فعشان أنا ذكيه جدا خبزتها في حلة ! ، اصلي فكرت طب ما الصنية من نفس نوع معدن الحله لا صنية عارفين يعني إيه تعمل كيك في حلة ؟؟!!
المهم إنها طلعت غريبة الشكل
بعدين جملتها على قد ما اقدر وبقت في جمال الغيلان كده
ترعب ، فوضعتها في الثلاجة و بعد ساعة خرجتها و كانت كارثة
في ايه بقى أنها كانت أقسى من الحديد حاولت تقطيعها بالسكين و لكن لم انجح مكنتش بستسلم بالسهولة دي ، فحاولت تقطيعها بالساطور و لم انجح ايضاً و
أعتقد إني إذا حاولت قطعها بمنشار كهربي فلن افلح !
طبعاً برضه الزبالة أكلتها و الفترة دي لاحظت ان القمامة ازداد وزنها بشكل ملحوظ
تعرفوا السبب ؟؟


لترى من كان ...



كان يوم بارداً ..، و الظلام حالك .. ، قد كنا في منتصف شهر ديسمبر .. و في تلك المدينة فالبرد يكون قارساً حقاً .. ، أنظر الى يداي لأرى تلك الزرقة قد تخللت اظافري .. بالرغم من تلك الملابس الثقيلة التي أرتديها... و من ثم ..
هتفت في داخي ( يا إلهي الرحيم ) !!!! .. هتفت دهشة عندما رأيته ..
و تساءلت .. أ هناك كائن بمثل تلك الوسامة .. ؟؟ ، تلك النظرة القوية في عيناه قد جعلته مثل الفرسان الذي لا يهابون محاربة الموت ..
و على الرغم من ذلك البرد فهاهو يرتدي ملابس خفيفة و كأنه لا يشعر بالسيوف التي تقطع الأوصال ! ..، يقف شامخاً .. نظرة عنيدة في عيناه .. تجعلك تحترمه على الرغمن منك ..
و قفت أراقبه و أنا لا أعي من حولي .. ، حتى أنني فوت الحافلة التي كنت في انتظارها .
انظر اليه و هو يعمل .. فينقل تلك الصناديق الثقيلة .. و قد ابتل شعره الفاحم بالعرق الغزير ..
فجأة ..
تنبهت ! .. ، انني آراقبه ما يقرب من الساعة دون أن أشيح بنظري و لو للحظة .. و تساءلت .. ماذا يحدث حقاً ؟؟
و بطريقة غريبة أجد نفسي أبتسم له ..، فلقد رآني .. و ابتسم لي ابتسامه رائعة .. حانية ، ثم استدار حتى يأخذ أجره .. و عندما نظر لي مجدداً وجدني مازلت أحدق به ..
فرُسمت في عيناه لمحة استغراب .
و لا أعرف .. حقاً لا أعرف !
كيف أخذتني جرأتي ، و تقدمت منه ... قائلة بصوت متقطع في أشد الإحراج ..
: ( أ .. أتقبل .. أن .. ابتــ.. أقصد .. أن ... أدعوك .. لكوب من الشراب الساخن ؟؟ )
ابتسم و قال .. :
( لا .... بل أنا من ادعوكِ يا سيدتي )
و في لمح البصر .. وجدت نفسي معه .. أجلس على تلك الطاولة .. في ذلك المطعم الصغير ..
و قد وُضع عليها كوبان يتصاعد منهما البخار الساخن!

صمت لمدة ..
و قد بدأت قائلة ..:
( ان لم تمانع في أن اسألك .. لماذا تعمل هذا العمل الشاق عليك ؟)
فجاوبني بعد ان انتهى من كوبه .. و برضا كامل ..
( شاق .. نعم .. لكن لابد منه .. فمنذ أن توفي ابي و تبعه أخي الأكبر ، لم يعد هناك من يعتني بأمي التي لازمت الفراش من وطأة الحزن و المرض .. و لا بأختي الصغيرة .. الذي تحتاج إلى الكثير .. ، لذا أصبحت اعمل .. اي عمل .. طالما آخذ حقي . و بمال حلال .. فلا يهم التعب عند إذ .. )

قلت و قلبي ينبض .. معجبة بتلك الشخصية .. ، و بصوت فيه رنة قلق ...
( نعم .. و لكن ماذا عن دراستك ؟؟ ، هل تركتها لتعمل مثلاً ؟؟ )
فضحك بصوت منخفض ..
( لا بل و الحمد لله .. اوفق بين عملي و دراستي .. !)
تنفست الصعداء و أحسست ان قلبي كان يقفز و من ثم هدأ .
و جدته قد إلتفت الى ساعة الحائط و قال بلهجة جدية ..
( آنستي .. ، اعذريني .. يجب أن ارحل و أن ترحلي أنتِ الأخرى .. الوقت تأخر)
فرددت عليه بإبتسامة حانية ..
( حسناً يا صغيري .. عدني أن تهتم بنفسك)
ابتسم واحدة من ابتسامته الخلابة ..
و قال ..
(اعدك ... و شكراً على الدعوة)

و ذهب ذلك الطفل الصغير الذي لا يتجاوز عمره الحادية عشر !

لقطات الصقيع

الريح تزأر و ليل بارد قارس
نراها تأتي من بعيد تجر نفسها جراً إلينا ، فتاة بائسة في مقتبل العمر
تدخل ذاك المطعم الصغير .. لعلها تحصل على بعض الدفىء
تدفع الباب بضعف و وهن شديد ، فيحاصرها الناس بنظرات فضولية
نظرات مؤلمة !
تجلس على تلك المائدة البعيدة ، تجلس في الظل كما لو كانت تتمنى أن تبتلعها تلك الظلال .
ترتجف ، ترتعش لا إرادياً من شدة البرد و تدلك اطرافها المتجمدة لعلها تستطيع تحريكهم
و كيف لا و هي لا ترتدي سوى ثياب صيفية مهترئة لا تصد عنها الريح و البرد
و لا تمدها بأي دفئ !
تنظر الى المائدة أمامها فتشتاق الى شراب ساخن يدفئ روحها ، بيد مهتزة خوفاً و برداً تمسك ذلك الكتيب الذي يحتوي قائمة الطعام و الشراب و ...
الاسعار .
ترجعه مكانه بسرعة فحتى المياه لن تقدر على دفع ثمنها التي يتجاوز سعرها الجنيهات القليلة جداً معها
تسمع من بعيد ضحكة طفل يجلس بين والديه فنتظر إليهم
كيف هم سعداء ؟
و في دفئ و آمان ؟!
ضحكة أخرى و يقول الطفل بسعادة كبيرة : ( امي ، ابي .. انظرا الثلج يتساقط ! )
فينظر الجميع بسعادة
يرتسم هي على وجهها الهلع و الفزع

ثلج ؟ ، كيف ستخرج فيه إنها لا تقوى على الحركة و هي في الداخل
فماذا ستفعل عندما تخرج ؟؟
تأتي نادلة المطعم و تقول بنفاذ صبر : ( ها .. ماذا ؟ ، أ سوف تقومين بطلب شيء ام ستكتفي بالنظر ؟؟ )
ينادي عليها احدهم فتقول لها : ( سأذهب لأرى ماذا يريد و اعود اليكِ .. )
تبتعد النادلة و تتنفس هي الصعداء ،، تنظر الى باب المطعم
تحبس دموعها بأقصى ما لديها من قوة
فتنهض و بخطا مترددة تقترب منه ، تفتح الباب برفق
فيقابلها هواء يقطع جسدها و أوصالها كالسكاكين الحادة
تأخذ اول خطوة و هي تنحني مع وطأة الرياح ، يغلق الباب خلفها
و تعلم انه فات الآوان على الرجوع الى الداخل
تمشي ، خطوة تلو خطوة و الجليد يؤلمها و هو ينهال على رأسها ، و الرياح تدفعها فتسقط ما بين الحين و الآخر
حتى تسقط و لا تقوى على الوقوف و تنفجر في البكاء ،، بكاء يمزق نياط القلب .
و تقول : ( آه ..... لا استطيع الاحتمال اكثر من هذا ، يا إلهي ساعدني،، لم اعد اقوى على النهوض ، اريد فقط ان انام ..)

تغمض عينيها و هي ملقاة على الارض الباردة و تشعر بوخز و ظلام يلتف حولها
تغمضها ، و تفتحها لتلقي نظرة أخيرة على العالم
تغمضها مرة اخرى و الى الابد !
فجأة تفتح عينها بسرعة و تعتدل ، تلتقط شيء ما من الارض
و تبكي بسعادة هذه المرة
و تقول : ( ياللهول ..... اشكرك يا إلهي ، الف حمد و شكرإليك )
تبكي و تبكي
و هي تحتضن تلك الورقة
..
ورقة نقود من فئة المئة جنيه !

و تذهب مسرعة الى ذلك المطعم لتطلب شرابها الساخن ، مع ان روحها قد شعرت بالدفئ منذ الآن !!

تمت بحمد الله

2009/09/28

باب مفتوح




مقدمة
*****

لكل فصل لون ..، لكل لون مذاق
رجفة !
اربع حكايات ، اربع .. ألوان
في اربع اوقات .. اربع فصول
___________________
بـــــــــــــــــــــــــ مفتـــــــــــوح ــــــــــــــــــابــــــــــ

للذكريات .. للأفكار
للمشاعر
ابواب ..، بعضهاً نستطيع اقفاله
و البعض الآخر يبقى مفتوح .. نحاول ان نجعله نصف مغلق و لكننا لا نفلح حتى في ازاحته .
تتفجر من منابع الباطن ... ينابيع
تجعل العقل و القلب
باباً مفتوح !
***********************************************



امطرت بعنف ذلك اليوم ،الغيوم احتشدت في السماء ...الجو كئيب
في الشارع الواسع و على الأسفلت تتساقط قطرات المطر بغزارة، يكاد الشارع ان يكون خاوي .. بلا مارة ..
نعم ذلك البرد .. الصقيع الذي يجمد الأطراف
حثيثاً يقترب شخص مخترقاً الضباب ..
.. فتاة في مقتبل العمر ترتدي معطف طويل يقيها من البرودة .. تمشي بخطوات واثقة .. ، كأن لا شيء سوف يوقفها .. و في ذهنها توالت الصور و الأحداث
كان شعرها بني، عيناها واسعتان لهما لون رمادي يميل الى الخضرة ، قوام ممشوق .. ،ملامح عادية .
.....


- سُها ..، تأخرتي !
- آسفة الجو كما ترين ليس بالجيد
- تلك ليست اول مرة !
- قلت آسفة !
كان ذلك في السنة الثانية بعد الحادث ، لم يستقم مسار حياتها منذ ذلك الحين ، كأن ذكرى الحادث تأبى ان تضمحل !
جلست على مكتبها .. ، نفضت شعرها البني القصير خلفها ..، المكتب كان ضيق يتسع بالكاد اغراضها .. مع ذلك فهو مرتب انيق .
به بعض النباتات الخضراء لتفضي بعض البهجة على جو العمل الرتيب .

***
انهمكت في العمل ، ناسية او متناسية الذي سيحدث عند انتهاءها ، ألا و هو عودتها الى البيت .. بمعنى آخر الى جحيمها
و على شاشة الحاسوب الذي يحوي تقريباً كل عملها .. تراصت ارقام .. اسماء و بيانات
و فجأة ..
شاشة سوداء

- ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ، لا يكن ان يكون هذا يحدث ! ، خمس ساعات في العمل حتى يخرب هذا الجهاز الخردة
..
خرجت في سرعة لتصيح ،
- ليتصل احدكم بالمسئول عن تصليح تلك الخردة ..
( تخرج من احد المكاتب سيدة يبدو عليها الوقار )
- ماذا هناك ؟
- ذلك الجهاز اصابه عطب ما بعد خمس ساعات من العمل المتواصل .
- ألم تحفظي العمل ؟
- لا
- سوف تقومين بإعادة كتابته مجدداً
- ..............، أعلم هذا !
..
انتظرت للحظة
سمعت طرقات خفيفة تطلب الإذن بالدخول
ردت في ضجر
- ادخل اياًَ من كنت
( يفتح الباب و يطل وجه شاب وسيم عليها ، يبتسم )
- هنا الجهاز المعطوب
- نعم ، انه هنا كما ترى ..
يقترب..
- هل تسمحين لي ..
- بالطبع
...
يجلس على المكتب و يبدأ في معالجة الجهاز
تتفرس في ملامحه .. تبدو مألوفة بطريقة ما .
ثم تبدأ هي الحديث
- تبدو ... مرتبكاً بعض الشيء ..
يزداد ارتباكه و يأخذ فترة حتى يجيب
- مرتبك ، كيف ؟
- لا ادري ....، و لكن تلك معجزة ان يرسلوك بهذه السرعة
- ههه ، اعتقد هذا
...............
يعم الصمت قليلاً

- انتهيت يا فاتنتي
- حقاً ! ......، .. لكن ماذا قلت ؟
(ويحمر وجهها غضباً)
- قلت ،انتهيت يا آنستي
- لكن ... لكني سمعتها ...
- ماذا ؟
- لا شيء ..، هيا انصرف !
- عن اذنك يا......... ، آنسة
....
يغلق الباب خلفه
و تقف هي قليلاً لتقول بصوت منخفض
- أكاد اقسم اني سمعتها ( فاتنتي )

ثم تذكر شيء .. و تنزل دمعة على خدها لتجففها بسرعة ..
و...
تسمع طرقات ..
- ادخل
- انا المسئول عن صيانة
- لكن ... كيف ؟ ، لقد جاء احدهم بالفعل و اصلح الجهاز، انظر !
تتحول عينا الرجل الى شاشة الحاسوب و يقول بدهشة
- لكن هذا ليس النظام الذي تعتمده الشركة ! ، لم يكن الذي جاء لإصلاحه من طرفنا !
!!!!!!!!
ينظر الى الجهاز و يضيق عيناه و يقول لها ..
- هل رأيتي هويته ؟
-لا
- كان يرتدي الزي الموحد لعمل الصيانة ؟
- .... ، لا بل ملابس عادية
- اعتقد انك كنتي عرضة لعملية ( نصب ) !
- لا ، لا اعتقد هذا ..
- لم َ لا .؟
- لم يطلب نقوداً .. بل انصرف مسرعاً
- اذن ... ، لا بأس لقد اُصلح جهازك مجاناً ..، لا داعي للحزن اذن !
(و يبتسم كأنه قال دعابة العام)
- ههه .. بالفعل

لكن ذهنها يظل منشغلاً حتى تنهي ساعات العمل ،و ما ان تخرج من باب مقر العمل ، حتى تهب الرياح الباردة ، لتضم المعطف بقوة لتقي نفسها من ذلك البرد الغير معتاد
وقفت في الشارع و تنتظر اي وسيلة مواصلات ، لكن الشارع كان خالي تقريباً فالوقت تأخر و ايضاً مع موجة البرد تلك .. الجميع اتخذ من المنزل ملجأ
و مع انها كانت في الأوقات العادية تكون سعيدة بالتأخر كى تعود الى البيت فتنام و لا تشعر بالمآساة التي تحدث في منزلها .. إلا انها كانت خائفة هذه المرة .
فالوقت اقترب من الحادية عشر ليلاً و هي لا تزال في الشارع الخاوي
المظلم .!
تحدث نفسها قائلة
- (سُها ..، استعيني بالله تعالى و لا تخافي)
..
.......................
-البرد قارس ، خذي هذا سوف تدفئك
( شعرت بصدمة و ارتجفت من الخوف .. الصوت فاجئها .. غير انه كان مألوف )
و شعرت بشيء ساخن له رائحة القهوة يُضع في يدها ..
- انت ..؟
- نعم ، انا
-......
- هيا بنا
( و ترجل هذا الشخص بضع خطوات ، و نظر إليها ليجدها ثابتة في مكانها متسمرة )

- لم تكن من فريق الصيانة أليس كذلك ؟

(يبتسم نفس الشاب الوسيم الذي جاء لها صباحاً مدعياً انه من فريق الصيانة)

- لا لم اكن ، و لكني جعلت حاسوبك احسن ما يمكن .. ليس عمل الصيانة الرديء
- ......................................... ، من انت ؟
- ..................، هيا سأوصلك لمحطة الحافلات .. اخشى عليك ان تذهبي في هذا الظلام
- و من تكون انت ؟
- هيا و لا تجادليني ...
- لا .. ، و كلمة اخرى سأصرخ
- حقاً يا فاتنتي .. ألم يكن أبيك يدعوك كذلك ؟؟
- لـــ...لكن ... كــ كيف عرفت ؟ ، من انت ؟
- ................

( يتركها ويسبقها ببضع خطوات ..، و تقف لحظة ثم تتبعه ، و تفكر ..، لم يكن يدعوها احد بهذا اللقب الا والدها .. و في أوقات خاصة ، لم يكن احد يعلم بهذا
فكيف علم ؟ ، و كيف يتحدث معها بتلك البساطة .؟
من هو .؟؟)

وقبل ان تشعر وجدت نفسها في محطة الحافلات و في يدها تذكرة ، بل و جالسة على احد المقاعد داخلها و عندما تنبهت كانت الحافلة تتحرك و هو اختفى ..
بلا اثر ..، و الشيء الوحيد التي شعرت به هو ذلك الكوب الورقي الساخن الذي يحوي القهوة ، و تنبهت انها من النوع الذي تعشقه
و اصبحت تائهة تماماً في الأفكار .


***

اليوم الجمعة ، يوم الأجازة .. يوم من الجحيم الملتهب ، و كيف لا ؟! ، فمنذ ذلك الحادث و هو مقتل آباها و هي يتيمة و ترعاها خالتها
خالتها التي لم تعرف حتى اسمها الا منذ سنتين .. ، و صدقوني لم تكن خالتها بالمرأة التي تحتمل ، بل كانت تحيل حياتها جحيماً فلم تكن تنقطع عن النحيب ،و لا تدبير اي موعد لها حتى تتزوج .. غير كل هذا انها دائماً تنتقدها !
و الآن و منذ استيقاظها و هي لا تنقطع عن الصراخ و إلقاء اللعنات على فاتورة المياه و غلاء الاسعار و اعمال المنزل و الكهرباء و..و..و
وفي المغرب تهدأ نسبياً حيث تنشغل بإحدى المسلسلات التي تتابعها في الشغف
و تظفر سُها ببعض الهدوء
و في ذلك الحين .. خرجت سُها الى الشرفة الواسعة التي تطل على شارع مصفوف بالاشجار و شرفتها ملئتها بالزهور التي يخترق اريجها الهواء ... تنظر الى القمر الشاحب و الجو البارد الذي يعبق برائحة المطر
تقف و هي تتذكر ذاك الشاب .. ، و تتوالى اسئلتها من جديد ، و من ثم تشعر بخفقات قلبها و الرؤية امامها تهتز فهي ذهبت بذهنها الى ذكريات لتراها مجدداً
طفلة صغيرة كانت تمسك يد اباها و ترى ن واجهة احدى محلات الألعاب و تضحك .. و للغريب ان تلك الذكرى كانت بالابيض و الاسود و لا تعرف لماذا تذكرتها الآن و لا لماذا تلك الذكرى بالذات !

- سُها .. ماذا تفعلين خارجاً ؟ .. الجو بارد ..، عليها اللعنة تلك المدفئة التي تستهلك طناً من الكهرباء بلا دفىء .. هيا ادخلي
.. الرياح تقطع الاوصال و لا اريدك ان تصابي بالزكام ثم ..
( تقاطعها)
- حسناً يا خالتي ..

تخرج من الشرفة و تحكم اغلاقها. ، و من ثم يدق جرس الباب فتذهب سُها مارة بالردهة الطويلة و تفتح لتجد صبي صغير يسأل عنها
- نعم يا صغيري ، ماذا تريد ؟
- لدي هدية لكِ
- مِن مَن ؟
- هذا سر آنستي ..
- حسناً اين هي ؟
فيعطيها علبة متوسطة الحجم ملفوفة بطريقة رائعة حقاً
- ألن تقول من بعثها ..؟
- فقط قال لي ، ان اقول لك انه هو..
( تشعر أن صفعة صدمت روحها ....، نعم انه هو .. السيد الغامض !)
و عندما بدأت في استكمال حديثها كان قد اختفى من امامها .
كانت منفعلة و مرتبكة ..
دخلت بسرعة الى حجرتها ،اغلقتها خلفها ..جلست وراء الباب و قلبها يخفق بعنف .. غرفتها كانت متوسطة الحجم سرير في المنتصف
اضاءة خفيفة ... و مزينة و بعض لمساتها
نظرت في ارجاء الحجرة و اتنصبت عيناها على تلك العلبة في يديها
تفتحها و يداها ترتعشان
تفك غلافها ...، و تفتحها و تجد فيها قلادة .! ، . قلادة على شكل قلب زجاجي محاط بإطار انيق و كانت تبدو في غاية الروعة .. و بجانبها كارتاً صغير
كُتب فيه ،
( كنقاء قلبك يا فاتنتي ) ...
تشتد خفقات قلبها و هي تحكم اغلاق قبضتها التي تحوي القلادة ..، و تفكر ..
( من هو ؟ ، لماذا يخفق قلبي له ..؟، لماذا ؟ فقد رفضت الكثيرون ممن يحبوني .. و الأكثر منه وسامه ..، لماذا هو ؟ ، ) ابتسمت نصف إبتسامة
و انهمرت دموعها و هي تهمس .. ( بل اعرف لماذا ! ، لم اكن يوماً رومانسية و لكني لاطلما تمنيتها و مع اني وجدتها في من أحبوني الا انها كانت مدفوعة مني .. لم يفكر احدهم بها وحده .. نعم اعرف لماذا .. لأنه ... هو ! )


***
فات ما يقرب من اسبوع دون اي شيء من فتاها الغامض .. و هي تكاد ان تجن ..، لا تستطيع الأعتراف حتى لنفسها بسر هذا الأهتمام برغم انها تعرف ، و كانت تعمل بنصف عقل واعي .. ،

- سُها ...، التقرير مليء بالأخطاء ، ماذا بكِ ؟ ، ركزي قليلاً !
- اسفة ..، فقط ذهني مشغول
- لا يوجد اعذار في العمل !
-.................
-بالمناسبة ، خطيبك ينتظرك اسفل البناية .. ، اذهبي لتري ماذا يريد و خذي استراحة الغداء تى تركزين اكثر
- ماذا ؟؟؟؟؟؟، من ينتظرني؟
( ترفع محدثتها حاجبيها )
- خطيبك !
- لكن .. لكني .. انا .. لم ... هذا لا يعقل
-لقد سأمت هذا حقاً .. ماذا تقصدين ..؟
- لا شيء ..، اسفة مرة اخرى
...
تهرع الى اسفل البناية بسرعة تثب على درجات السُلم .. و تفتح البوابة ...
لا ، لم تجد احداً ...
شعرت كأن خنجر طعنها ..، بخيبة امل مهولة .. ، ثم تحول شعورها بالغضب الى ذلك الذي يلهو بها ..، استدارت و همت في ان تعود الى مكتبها .. و....

- آسف ..، ظننتك لن تأتي
- انت مجدداً ؟ ، ماذا تريد مني ؟ ، اقسم ان لم تفهمني من انت فسوف اطلب لك الشرطة
-هههههه ، و هل سوف يطاوعك قلبك ؟ ، لا تغضبي .. اتأسف حقاً ..
- و تضحك ؟ ..، يكفي هذا !
( و تتحرك مجدداً في طريقها للعودة )
- انتظري ارجوكِ كنت امزح
- قل لي من انت ؟
- حسناً ..، و لكن لحظة فقط
- .............. ، يالله .. سأصبر فقط هذه مرة
- اشكرك
( و يخطو تجاه منحنى الشارع و يختفي فيه ... و بعد ثوانٍ يعود للظهور و يبدو انه يخفي شيء وراء ظهره )

- لقد عدت
( و يبتسم )
- نعم استطيع رؤية انك عدت ..، و الآن افصح !
- اقبلي هذه مني اولاً
- ....................................
( يصبح وجهها كلون الورد الأحمر مثل الذي يقدمه لها الآن ، .. فقد كان يخفي وراء ظهره باقة من الورود الحمراء النضرة ! )
- ماذا ألن تقبليها ؟
- لكن لماذا ؟
- اسألتك كثيرة .. (ثم يحول عينيه من عليها و يقول ) ولكن هذا متوقع .. ،و ... احبه ! .............، هيا اذن اقبلي الورود احتى اروي فضولك!
- سأقبلها .. فقط لأعرف
- نعم .. نعم ..، اعرف ان هذا فقط هو السبب
( يعاود الإحمرار غزو وجهها )
- لا تتذاكى معي .. ، قل لي ارجوك من انت ..؟
- حسناً ، استمعي الي جيداً
- كلى آذان صاغية
- احم..، هل سأروي القصة برمتها هنا في الشارع ؟
- تدفعني للغضب حقاً .. هذا مالدي !
- اهدأي و خذي الأمر بهدوء اكبر ، لا داعي للغضب ..
انا ...، و لا تتعجبي ..
عندما كنتي صغيرة قد غيرتي مجرى حياتي .. بل بمعنى اصح انقذتيها.. ، كنت فتى صغير .. فقير لا اعرف ماذا افعل ..
كنت اعرف بعض الصبية .. اتفقنا على ان نسرق بعض الحلوى من محل في ذلك الشارع ..، و بالفعل سرقنا بعضها .. بل الكثير
و هربنا كالقطط الجائعة ..
لكن ... لكني لم ارتح و احسست بالجريمة التي اقترفتها ..، و واجهت هؤلاء الصبية بأن نعيدما سرقناه او على الأقل نعتذر لصاحب المحل
لكنهم رفضوا و اجتمعوا علي في زقاق صغير مغلق ليضربوني..
و كنت ارتجف خوفاً و للصدفة .. فتاة كانت هناك على اول زقاق ..، رأتني و نادت ابيها لأن ينقذني .. ، و بالفعل جاء و صاح في الباقي ففروا هاربين
و قال لي و هو يربت علي لكل انسان طريق .. و فقط الأنسان الجيد هو من يختار الطريق القويم..)
و رأيت ابنته الصغيرة تبكي و تأتي إلي لتعطيني ما كانت قد اشترته من حلوى ..
فقال لها ابيها ..( حفظك الله يا ...... فاتنتي ! )
و منذ هذا اليوم و انا امشي في ذاك الطريق لعلي ارى تلك الفتاة و منذ ذاك اليوم ايضاً و انا احارب فقري و حمداً لله فمن كانوا يعلوني بمراحل
اصبحوا يتمنون نصف ما أنا فيه و الفضل كله يعود
إليك !


سمعت (سُها ) تلك القصة و تكسر قلبها قطعاً ...، تتذكر الآن تلك الذكريات بالأبيض و الأسود ..
كانت تقف تراقب متجر الألعاب بعد شرائها لبعض الحلوى ، سمعت ضجة فنظرت .... رأت طفل صغير يكاد يضرب
صرخت مستنجدة بأباها .. لينقذه ..
و بعد ما انقذه من الضرب ... اعطته ما في يدها ..
نعم ... ، فقد كان فتى صغير .. يصغرها بثلاث سنوات .. تقريباً!!!

تركت باقة الورود تسقط من قبضتها و هي تشعر بأقصى غصة في حلقها..
دموعها تنساب .. و تشعر بأن الدنيا تدور بها ...

- لماذا تبكين ؟ ، هل قلت ما أحزنك ؟ ، هل هي ذكرى ابيك ؟
- ................
- ارجوكِ توقفي لا تبكين .. دموعك كالنيران في قلبي
-................
-سُها .. انظري إلي .. ماذا بكِ ؟
- .......... انه انت اذن ... ذلك الفتى
.................................................. ...... ، الذي ...
كان ... يصغرني !

- ..................

تدير له ظهرها و تمشي في الأتجاه المضاد و هي تفكر و هي تحكم اغلاق معطفها ..
لن يتقبل احد هذا !
لن يقبل مجتمعها و لا اهلها ان ترتبط بمن يصغرها سناً ...
و مع انها تعرف انها يجب ان تبتعد
ترحل عنه .. انها يجب
أن ترفضه ...
فقد كانت متأكده ان مشاعرها له ستظل باباً مفتوح
و هو كذلك .







سأقف هناك، ناظرة إلى بعيد
سأقف هناك انظر إلى ماضي سحيق
من تلك الفتاة ؟
أيتها الساذجة .. ماذا فعلتِ؟ ، لماذا صدقتِ المستحيل ؟
من تلك الفتاة ؟
أيتها المسكينة .. هل رأيتِ انه حلم كبير ؟ ، رماد يتقاذفه الريح !
***
أوراق الخريف تتساقط ببطيء شديد
خريف قلبي
عفواً
لا تلمسي الأرض .. لا تُنتهي .. لا تَنتهي
لكن تساقطت ببطء لتجف شجرة الذكريات و يسقط الجميع !
***
في بحر الظلمات
شراع أمنية يسير..، يهيج البحر معترضاً
ما هذا الضوء المنير ؟!
تهب العاصفة ..
لتتقاذف السفينة إلى ميناء .. إلى رمال ..
إلى الواقع المرير
فيكسر الشراع و يتحطم ..، تلك لم تكن أمنية بل كانت وهم مريع !
***
على ضفاف الحياة أجد نفسي مهملة، و قد ظننت أني وجدت شيء أتشبث به
لكني أخطأت ..، بالفعل أخطأت .. هذا ليس عدلاً !
عالمي يقبع داخل عقلي
لكني اختنق
وحدي .. لا احد حولي ... لا احد يشعر .. و أنا لا اشكي !
من كان السبب ؟
ذنب من ؟
أ كان ذنبي ؟
.. نعم .. ذنبي فقد ركضت وراء سراب
ركضت وراء أوهام ...، نعم . كانت أحلام .. ، ركضت وراء أكذوبة حرقتني نيرانها
ركضت .. حتى تكسرت قدماي
لكن .. ليس بعد الآن !
***
سأقف هناك استرجع ما فقدته
و كل ما حدث لي .. ، يا إلهي ..!
كل من كان يساندني تركوني .. أو بمعنى آخر
أبعدتهم عني .. فأنا آذي ... أنا اجرح
و أحيانا
اقتل !!
***
لماذا أهاب الشتاء ؟
البرد و الوحدة و الشقاء ؟
لماذا أرهب المساء ؟
أ لأنه يعيد الذكريات ؟
اصمتِ ... يكفي يا حمقاء .. لسوف ينتهي الحلم ..... لسوف ينتهي الكابوس
ستشرق الشمس .. و على ماضي .. سوف أثور !
***
تلك الوردة الحزينة الباكية
.هناك .. ذابلة على كتابي العتيق
هناك .. تشعرني بيأس كبير
آخذها بين آناملي ... أتحسسها
ملمسها رطب .. ندى .. ناعم
واهن !
وردة ضعيفة ..
اقطف .اوراقها بقبضة يدي .. و اقذفها في الهواء
الآن .. هيا ..
إنتهي
***
.سأقف هناك ...
لكني سأتحرك .. لن أتحطم ..لن اتمزق
سأقف هناك
لبرهة ... فقط لأتحسر ..!
ثم
أضع كلمة على أوراقي ... على إحزاني .. آلامي و ذكرياتي
أضع
النـــــــهــــــايـــــــــة

;;